وأن لا تكون لا محالة في جهة واحدة بعينها من فلك البروج فلأنّ أعظم الانحرافات التي تظهر لهذين الكوكبين إنّما يكون عند كون الخطّ الخارج من مركز البصر إلى الكوكب مماسًّا لفلك التدوير وهذه المماسّة وأعظم الانحرافات إنّما توجد عند أعظم البعد الصباحي وأعظم البعد المسائي لأنّ هذين الكوكبين يكونان أبدًا قريبين من الشمس فليس يتمكّن من رصدهما إلّا عند الصباح وعند المساء هذه الانحرافات قد تكون مرّة شمالية عن سطح فلك البروج ومرّة جنوبية عنه والشمالية من هذه الانحرافات مخالفة للجنوبية. وذلك أنّ الانحراف يكون في أحد جنبتي فلك البروج مركّبًا من الانحراف ومن ميل الفلك المائل ويكون في الجهة الأخرى من فلك البروج تاقصًا مقدار ميل الفلك المائل. فلو خلط الانحراف بميل الفلك المائل add. mg. لكان يحتاج إلى عدّة جداول يقوّم بها هذا الانحراف من أجل اختلاف ميل الفلك المائل ومن أجل اختلاف جهة الميل والانحراف ولمّا فرد الانحراف وأضاف إليه مقدار ميل الفلك الخارج المركز المائل لم يختج إلى أكثر من جدول الدقائق فقط. فهذا الذي ذكرناه هو تفسير قول بطلميوس لو خلطناها وما تبعه من الكلام.
وهذا آخر ما ذكره من المسائل.
الشكّ الأوّل. من المعلوم أنّ كلّ موضع من الأرض موافق لما بعده منه ربع دائرة وأنّ العارض في رؤية الكواكب يعرض في كلّ موضع من الأرض فالبخار الرطب إذن يعمّ جميع الأرض فشعاع البصر منذ يخرج من العين يمرّ في البخار عرضًا إلى الأفق وعلوًّا إلى سمت الرأس لا ينفكّ منه وإذا كان ذلك فليس للبخار سطح ممّا يلينا يلقاه شعاع البصر ولا يكون يتناول شعاع البصر في قوامين مختلفين لطيف وكثيف بل هو سالك في هذا البخار وحده إلى أن يفارقه خارجًا منه فيجب أن تكون رؤية الكوكب في الأفق وفي وسط السماء بمقدار واحد وليس الأمر كذلك.
الجواب. قد استعمل في هذا القول مقدّمتين أحدهما أنّ البخار الذي يكون في الأفق يجب أن يكون متّصلًا يعمّ جميع آفاق الأرض وهذا محال والمقدّمة الأخرى هي أنّ هذا العارض في رؤية الكواكب يعرض في كلّ موضع من الأرض وليس