ما بيّنه أحدّ قطّ بالبرهان ولا بيّنه بطلميوس بالبرهان فقد كان هذا المعنى يحتمل التشكّك قبل هذا البرهان. فأمّا بعد هذا البرهان فقد انكسف وسقط كلّ شكّ يعرض فيه ولم استعمل في هذا البرهان شيءًا من التقريب ولا استعملت الخطوط المستقيمة بدل لقسي فهو برهان على غاية التحقيق.
الشكّ الرابع وهو قوله. كان ذكر في الجواب أنّ أبعاد عطارد الصباحية والمسائية لا تكون متساوية أبدًا وأنّ العلّة في ذلك أنّ فلكه المائل غير ثابت الميل لأنّه ينطبق على دائرة البروج تارة وتفارقة أخرى فمركز فلك التدوير لأجل ذلك يكون تارة في سطح دائرة البروج وتارة حارجًا عنه والكوكب أيضًا قد يعرض له ذلك وإن لم يكن مركز فلك التدوير على دائرة البروج لأجل ميل فلك التدوير وانحرافه وإن أقرب ما يكون موضع البعد الأعظم وهو موضع المماسّة من الشمس إذا كان مركز فلك التدوير في سطح دائرة البروج وهذا الجواب يوجب أنّ مركز فلك التدوير إذا كان في موضع واحد بعينه فإنّ أعظم البعدين الصباحي والمسائي متساو وليس يوجد الأمر كذلك لأنّه فد تبيّن في أرصاد كثرة اختلاف البعدين.
الجواب. جميع ما ذكرته في الأبعاد الصباحية والمسائية هو ما ذكرته لا تختلف ولا تتغيّر إلّا أنّه قد بقي معنى واحد لم أذكره لأنّي ما ظننت أنّه يخفى عليه وأنا أذكره لأنّ وهو أنّ أبعد البعد الصباحي عن المسير الوسط الذي هو موضع مركز فلك التدوير هو الزاوية التي يحيط بها الخطّ الخارج من البصر المماسّ لفلك التدوير والخطّ الخارج من البصر إلى مركز فلك التدوير وهذه الزاوية تختلف مقدارها لأنّ مركز فلك التدوير تختلف أبعاده عن البصر من جنبتين أحديهما اختلاف موضهه من فلكه الحامل والثانية اختلاف بعد مركز الفلك الحامل عن البصر يتحرّك الفلك المدير المركز الفلك الحامل هذه هي علّة كلّية لاختلاف مقدار أببعد البعد الصباحي عن المسير الوسط وكذلك حال أبعد البعد المسائي وهذه أيضًا هي علّة لمخالفة البعد