ذلك أنّ زيادة البعد يوجب العظم فعلى حسب الأصول التي فرّرها بطلميوس من علم المناظر ليس يلزم من صغر المبصر من أجل صغر الزاوية فقط ومن أجل ما بيّنّاه نحن بالأمثلة في المبصرات المختلفة الأبعاد المختلفة الزوايا التي يرى الصغير الزاوية منها أوظم يظهر ظهورًا بيّنًا أنّ صغر الزاوية ليس يوجب صغر المبصر وقد يمكن المشكّك أن يعرض بهذا القول أعني زيادة بعد المبصر الذي ازداد رسوبًا في الماء. فيقول أنّ المبصر الذي يرى في الماء ليس يرى في موضعه وإنّما يرى في موضع الخيال وقد بيّن ذلك بطلميوس فالمبصر الذي قد رسب إلى أسفل إنّما يرى في موضع خياله فبعده إنّما هو بعد خياله لأنّ البعد الذي يقيس به البصر إنّما هو بعد الصورة التي يراها وإذا كان ذلك كذلك فبعد الممبصر الذي فد رسب إلى أسفل يكون أقرب من موضعه الذي ه فيه. فنقول في جواب هذا القول إنّ البصر إن كان يعتبر من المبصر بعد رسوبه بعد خياله لأبعده نفسه فهو يعتبر منه قبل رسوبه بعد خياله أيضًا لأبعده نفسه وخياله بعد رسوبه يكون أبعد من خياله قبل رسوبه إذا كانت الزاوية التي يرى بها بعد رسوبه أصغر من الزاوية التي يرى بها قبل رسوبه فيعود القياس إلى ما كان عليه فالمبصر الذي يرى في الماء إذا add. mg. ازداد رسوبًا في الماء إنّما يرى أعظم لأنّ بعده يصير أعظم من بعده قبل رسوبه ولأنّ بعد خياله أعظم من بعد خياله قبل رسوبه ولأنّ ما يوجبه له زيادة البعد من العظم أكثر ممّا يوجبه صغر الزاوية من الصغر فقد تبيّن ممّا بيّنّاه أنّه يلزم بحسب الأصول التي قرّرها بطلميوس وبحسب ما بيّنّاه بالأمثلة من الأمور الموجودة أنّ المبصر الذي يرى في الماء إذا رسب إلى أسفل يجب أن يرى أعظم ومع ذلك فإنّ بطلميوس لم يشبّه عظم الكواكب في الآفاق بعظم ما يلقي في الماء من أجل ما بيّنه في كتاب المناظر وإنّما شبّهها بما يلقي في الماء لأنّ الوجود لهذه الصفة أعني أنّ كلّ مبصر يلقي في الماء فإنّه يرى أعظم ممّا كان يرى وهو في الهواء وكلّما ازداد رسوبًا في الماء ازدادت