فبطيء ما يجعله محسوسا وذلك الزمان الذي منه صارت إلینا الأرصاد المكتوبة التي للكواكب الخمسة المتحيّرة إذ هو قصير عند عظيم ما يراد إدراكه في الزمان الطويل الذي هو أضعاف مضاعفه له فإنّه يجعل ما يتقدّم من القول فيما هو كائن غير محقّق ❊ وفي البحث عن الاختلافات فيما يدخل من دهش الرأي ليس بصغير من قبل أنّه يرى لكلّ واحد من الكواكب اختلافان وهما غير متساويين لا في /H209/ العظم ولا في أزمان العودات أحدهما يرى من قبل الشمس والآخر من قبل أجزاء فلك البروج وإذا خلطا جميعا يكون أبدا خاصّة كلّ واحد منهما لذلك عسره التمييز ومن قبل أنّ أكثر أرصاد القدماء مكتوبة مجملة على غير أحكام فإنّ المتقارنات منها تحيط بمقامات الكواكب وتشاريقها وإدراك خواصّ كلّ واحد من هذين ليس بغير مشكوك فيه أمّا المقامات فإنّها لا تمكن أن تبيّن الزمان الخفي لأنّ انتقالها إلى المواضع في الأيّام الكثيرة يكون غير محسوس ومن قبل المقام ومن بعد المقام وأمّا التشاريق فليس لانّها تفسد المواضع من ساعتها مع الذي ظهر أوّلا أو آخرا فقط ولكنّ لأنّه يمكن أن يكون فيها الخطأ في الزمان ومن قبل اختلاف الهوی في المواضع وأبصار الذين يرصدون ❊ وجملة أقول إنّ الأرصاد التي تكون في زمان طويل ببعض الكواكب المتحيّرة بواحد من الكواكب الثابتة إن لم يكن الناظر إليها ينظر بعلم وأحكام ومن قبل جميع الأسباب تكون قدر مساحة ما نريد إدراكه ممتنعا عسر القياس ويكون ذلك حزرا وتخمينا ليس من قبل الخطوط التي بین الكواكب المرصدة فقط التي تجعل زوايا مختلفة عند فلك البروج ولا يكون زوايا قائمة على حال ❊ فمن هنالك بحقّ يكون فيه الخطأ الكثير من أجل كثرة /H210/ وجوه ميل فلك البروج عند تمييز مواضعها في الطول والعرض ولكنّ ومن قبل أنّ أبعادها إذا كانت أمّا عند الأفاق فترى بالأبصار أعظم وإذا كانت في توسّط السماء فترى أصغر وبيّن أنّ من أجل ذلك يمكن أنّ يكون مرّة إلى العظم ومرّة إلى الصغر من قبل قدر البعد الحقّ ولذلك ظنّ إبرخس لحبّه للحقّ من أجل كلّ ما ذكرنا ولا سيّما لأنّه لم تكن صارت إليه أسباب كثيرة من أرصاد خفّيّة ممّن كان قبله على قدر كثرة الأرصاد التي وضعها لنا وإفادناها ❊ أمّا جهات الشمس والقمر فإفادنا كيف ينبغي لنا طلبها ونبيّنها بالبرهانات بكلّ حيلة التي تكون بحركات في استدارات بلا اختلافات ❊ وأمّا الكواكب الخمسة المتحيّرة فإنّه لم يذكرها في شيء ممّا صار إلينا من كتبه وإنّما ذكر أرصادها فقط للانتفاع بها وليتبيّن بها أنّ سبب ما يرى فيها غير متشابهة لنسب جهات القدماء من أهل التعاليم الذي كانوا إذ ذاك فإنّه لم يكتف بالأخبار عن ما ينبغي فقط أنّ كلّ واحد من الكواكب له اختلافان وأنّ استقاماتها لكلّ واحد منها غير متساوية وأنّ الآخرين من أهل التعاليم جعلوا البرهانات التي بالخطوط المساحيّة على اختلاف واحد واستقامة واحدة ولم يكتف أيضا أنّ هذين الاختلافين يكونان أمّا على أفلاك خارجة المراكز وأمّا على أفلاك تكون مراكزها مركز فلك البروج /H211/ وتكون هي تدور وتدير أفلاك تداوير أو يعرض أن يكون الاختلافان كلاهما ويكون الاختلاف الذي من قبل فلك البروج قدر كذا والاختلاف الذي من قبل الشمس قدر كذا فإنّ هذا قول الذين يسمّون واضعي الجداول الأبديّة فإنّهم أرادوا أن يبيّنوا أنّ الحركة في استدارة وأنّها غير مختلفة وذلك بالكذب وبغير برهان مقبول