أمّا ما يستعمل في طلب إدراك حقيقة حاركات القمر ومواضعه فهو ما قد وصفنا ولأنّه يعرض في القمر ألّا يكون مسيره الحقّيّ في الحسّ مثل مسيره في الرؤية من أجل أنّه كما قد ذكرنا لا يكون قدر الأرض عند قدر بعده في كرته كالنقطة تصير من أجل ما يرى في وجوه أخر وأكثر ذلك ما يرى في كسوفات الشمس يتبع ما ذكرنا بالاضطرار الأخبار عن اختلافات مناظر القمر التي من قبلها يستطيع أن نميّز حركات القمر التي ترى بمناظر الناظرين إليه من وجه الأرض بحركاته الحقّيّة التي من مركز الأرض إلى فلك البروج وأيضا على خلاف ذلك نميّز حركاته الحقّيّة بحركاته التي ترى
⟨V.11⟩
النوع الحادي عشر في معرفة اختلاف مانظر القمر
يتبع هذا البحث أنّه لا يمكن العلم بأقدار اختلافات المناظر من غير أن يعلم بعد القمر ولا يمكن العلم بالبعد من غير أن يعلم اختلاف واحد من اختلافات المناظر أمّا فيما لا يكون فيه اختلاف محسوس أعني كلّما كان قدر الأرض عند قدر بعده في كرته كالنقطة فنبيّن أنّه لا يمكن وجود بعده وأمّا فيما له اختلاف منظر كما أنّه ينبغي في القمر وحده أن يكون وجود بعده أوّلا من قبل اختلاف منظر واحد معلوم لأنّه يمكن إدراك ذلك برصد اختلاف واحد بذاته ولا يمكن إدراك قدر البعد بالرصد أمّا ابرخس فإنّه إنّما جعل أكثر البحث عن هذا من قبل الشمس لأنّ ممّا يعرض في القمر وفي الشمس ممّا سنخبر به بعد هذا يتبع ذلك أن يكون إذا علم بعد أحد النيّرين أن نعلم منه بعد الآخر ويحاول أن يعلم بعد الشمس ثمّ يبيّن منه بعد القمر أمّا أوّل فصيّر اختلاف رؤية الشمس فقط أقلّ ما يحسّ لكي نأخذ من ذلك أبعادها ثمّ بعد ذلك يبيّن بالكسوف الشمسيّ الذي وضعه فيجعل اختلاف رؤية الشمس مرّة أقلّ ما يحسّ ومرّة يجعل شيئا صالحا ومن هنالك صار بعد القمر مختلفا عنده في كلّ جهة من الجهات التي وضع وكان البتّة يشكّ فيه ليس في كمّيّة اختلاف رؤية الشمس فقط ولكن في هل للشمس اختلاف رؤية
⟨V.12⟩
النوع الثاني عشر في صنعة آلة يعرف بها اختلاف منظر القمر
فلكي لا يستعمل في هذا البحث شيئا من الأسباب الحقّيّة هنا بآلة نستطيع أن نرصد بها على أكثر ما يمكن كم يكون اختلاف منظر القمر بالحقيقة وكم بعد موضعه من نقطة سمت الرؤوس في الفلك العظيم المخطوط على قطبي الأفق وعلى مركز القمر اتّخذنا عضادتين ذواتي أربعة أركان أمّا طولهما فلا تكونان أقلّ من أربع أذرع لكي يمكن أن يقسم الطول بأجزاء كثيرة وأمّا قدر ما يحيط بكلّ واحدة منهما فقدر حسن وسط من الأقدار وبقدر ما لا يعوّجا من أجل طولهما بل ليكونا شديدي الاستقامة والانبساط على أدقّ وأحقّ ما يمكن من استقامة كلّ ضلع من أضلاعهما ثمّ خططنا بعد ذلك في وسطي السطحين الأعرضين من كلّ واحد منهما خطوطا مستقيمة BL 136في الطول وركّبنا في كلّ طرفي إحداهما شظيّتين مربّعتين متساويتين متوازيتين قائمتين على السطح قائم وسطاهما على الخطّ الذي في وسط السطح وثقبنا في وسط كلّ واحدة منهما ثقبا وصيّرنا وسط كلّ واحد من الثقبين على حقيقة الخطّ الذي في وسط العضادة وجعلنا الثقب الذي تصير عين الناظر عليه أصغر والثقب الذي يلي القمر أعظم بقدر ما إذا نظر الناظر بإحدى عينيه من الثقب الأصغر استطاع أن يرى كلّ القمر من الثقب الأعظم الذي يقابله وثقبنا كلّ واحدة من العضادتين عند أحد الطرفي الذي عنده الشظيّة التي فيها الثقب الأعظم في حقّ وسط الخطوط ثقبا بالاستواء وركّبنا فيهما سهما ينتظم العضادتين ونربط إحداهما بالأخرى كارتباط الخوطوط بالمركز وأثبتنا العضادة التي ليست فيها الشظيّتان على قاعدة إثباتا