⟨مقدّمة⟩
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب أمر بتفسيره الإمام المأمون عبد الله أمير المؤمنين من اللسان الروميّ إلى اللسان العربيّ على يدي الحجّاج بن يوسف الحاسب وسرجون بن هليا الروميّ في سنة اثنتي عشرة ومائتين من سني الهجرة هجرة النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم وهو الكتاب الكبير الذي يقال له المجسطي كتبه بطلميوس القلوذي في علم حساب النجوم والحركات اللواتي في السماء وفي هذا الكتاب ثلاثة عشر قولا في كلّ قول منها أنواع من أنواع هذا العلم سيذكرها عند أوّل كلّ قول إن شاءالله أمّا
⟨I⟩
القول الأوّل
فإنّ فيه أربعة عشر نوعا
النوع الأوّل تذكر فيه فضيلة هذا العلم وغاية منفعته ❊ النوع الثاني في مراتب وجوه هذا العلم ⟨❊⟩ النوع الثالث كيف يعلم أنّ حركة السماء كريّة ❊ النوع الرابع ما الدليل على أنّ الأرض كريّة أيضا في الحسّ ⟨❊⟩ النوع الخامس ما الدليل على أنّ الأرض في وسط السماء ❊ النوع السادس ما الدليل على أنّ الأرض كالنقطة عند السماء ⟨❊⟩ النوع السابع ما الدليل على أنّ الأرض ليست لها حركة انتقال ❊ النوع الثامن نخبر أنّ أوّل الحركات اللواتي في السماء حركتان أوّليّتان ⟨❊⟩ النوع التاسع في معرفة أقدار أوتار أجزاء الدائرة ❊ النوع العاشر في صفة عمل جداول لقسيّ الدائرة وأوتارها ⟨❊⟩ النوع الحادي عشر في وضع القسيّ وأوتارها في الجداول ❊ النوع الثاني عشر في صفة آلة نعرف بها قدر القوس الّتي فيما بين المنقلبين ⟨❊⟩ النوع الثالث عشر في معرفة أقدار Beginning of BL 1cالقسيّ التي فيما بين فلك معدّل النهار وبين وسط البروج التي هي الميل ⟨❊⟩ النوع الرابع عشر في معرفة أقدار قسيّ معدّل النهار التي تطلع في الكرة المستقيمة مع قسيّ فلك البروج المفروضة
⟨I.1⟩
وهذا حين ابتدأ في النوع الأوّل من القول الأوّل ❊ فقال
نعم ما رأيت الحكماء المخلصين يا سورى إذ فرقوا جزء النظر من جزء الفعال اللذين هما جزء الحكمة فإنّه وإن كان يعرض أن يكون الفعال نظرا قبل فليس الفصل بينهما بصغير ليس لأنّ بعض الفضائل الخلقيّة فقط قد يمكن أن تكون في كثير من الناس بلا تعلّم ولا يمكن إدراك علم الكلّ بغير تعلّم ولكن لأنّ أكثر المنفعة يكون إمّا في الفعال فمن كثرة المواظبة على العمل في الأشياء ❊ وإمّا في العلم فمن الازدياد في العلم ومن أجل ذلك رأينا أنّه ينبغي لنا أن نحكم تقدير الأفعال بأوائل حركات الخطر والتخييل وابتدائه لكي لا نصنع شيئا من البحث عن كلّ جميل حسن الهيئة بحسن التقدير ولا في صغار الأمور ومحقّراتها وأن نبذل أكثر فراغنا ونجعل أكثر عنايتنا في تعلّم العلم الكبير الخطير وخاصّة المخصوص باسم العلم فما أحسن ما قسم ارسطاطيليس جزء النظر إذ قسمه في أجناس أول ثلاثة في الطبيعيّ والعلميّ والإلاهيّ لأنّ كون كلّ مكوّن من العنصر والصورة والحركة ولا يمكن أن يرى في المعلوم كلّ واحد من هذه الثلاثة وحده قائما بنفسه بغير الآخر وقد يمكن أن نعقل وحده بغير الآخر ومن طلب أن يعلم ما السبب الأوّل الّذي للحركة الأولى فسيثبت إذا بسّط ذلك على المراتب أنّه {إلاه} لا يرى ولا يتحرّك وإنّ صنف النظر الذي به يبحث عن طلب العلم به في أعلى علوّ العالم يسمّى إلاهيّ وذلك {بعقول} أنّه مفارق للجواهر الحسّيّة وأمّا صنف النظر الذي به يبحث عن أصناف العنصريّة الأبديّة التغيّر في الأبيض والحارّ والحلو وما أشبه ذلك فنسمّي طبيعيّا وهذه الطبيعة في الأشياء التالية أكثر ما تكون منتقلة تحت فلك القمر ونفرز الصنف الدليل على تبيين أصناف الصور وعلى الحركات المنتقلة والكمّيّة والعظم والزمان والشكل وما أشبه ذلك ونخصّه باسم العلم وهذه الطبيعة كالواسطة بين تينك الطبيعتين ليس لأنّه يمكن أن يفهم بالحسّ وبغير الحسّ فقط ولكن لأنّها تكون في جميع {الأيسيّة} Feminine nisba of أيس being, existence. Cf. Lane 2685 and Wright I,96c. فيما يموت وفيما لا يموت متغيّرة مع المتغيّرات في الصورة غير المفارقة أبدا لازمة لصور الأشياء الأبديّة الدائمة الّتي هي من الطبيعة الأثيريّة بغير تغيّر ❊ ولذلك نقول إنّ الجنسين الآخرين اللذين هما من قسمة النظر يحزران حزرا ولا يدركان بحقيقة العلم إمّا الإلاهيّ فلأنّه البتّة لا يرى ولا يحاط به وإمّا الطبيعيّ فلزوال العنصر وخفّته وتغيّره وقلّة ثباته ولذلك لا يرجى اتّفاق الحكماء فيهما أبدا ❊ وأمّا جنس العلم فهو وحده {…} يورث من اتّخذه بعناية وشدّة بحث العلم الثابت الحقّيّ بلا تغيّر ولا اختلاف لأنّ البرهان