وسمّينا صنف البحث عنه إلهيّاً، وهذا العقل نعقّله في أعلى علوّ العالم فقط مبايناً ألبتّة للجواهر المحسوسة. /T36/ وأمّا صنف البحث عن الكيفيّة العنصريّة الدائمة التعاقب كالبياض ه – اخ: والحرارة والحلاوة واللين وأشباه ذلك فيسمّى طبيعيّاً؛ والجوهر الذي فيه هذه يوجد على الأكثر في الأشياء التي يعرض لها الفساد التي هي دون كرة القمر. وأمّا الصنف المبيّن عن/H6/ حال الصور وحركات النقلة وهو الذي يبحث عن الشكل والعدد والعظم والمكان والزمان وما أشبه ذلك فيسمّى تعليميّاً. والجوهر الذي فيه هذه كالوسط بين ذينك الجوهرين ليس فقط لأنّه ه – خ: من قبل أنّه قد يعقّل بالحسّ وبغير الحسّ، لكن من قبل أنّه مشترك أيضاً لجميع الأجسام ما يفسد منها وما لا يفسد: فهو فيما يفسد يتغيّر معه في الصورة التي لا تفارق المادّة، وفيما لايفسد أعني في الطبيعة السماويّة تبقى في صورته بلا تغيّر.
فلمّا رأينا أنّ جنسين من الثلاثة الأجناس التي يبحث عنها الجزء النظريّ أنّما يدركان من جهة ما هو أشبه وأجزى لا بالمعرفة الحقيقيّة أمّا الإلهيّ فلاستعلائه ه – خ: فلاستغنائه عن الظهور للحسّ وأن يحاط به، وأمّا الطبيعيّ فلأنّ العنصر غير ثابت الحال خفيّاً؛ ولذلك لم يرج اتّفاق الحكماء فيهما. ورأينا أنّ الجزء التعليميّ فقط إن استقصينا فيه البحث استفدنا به علماً حقّيّاً ثابتاً، لأنّ براهينه تكون بطريق لا شكّ فيه وهي العدد والهندسة دعانا ذلك إلى العناية بهذا العلم كلّه بقدر الطاقة أكثر من جميع الأشياء وخاصّة بعلم الأجرام السماويّة. لأنّ البحث في هذا العلم عن أشياء على حال واحدة دائماً. /H7/ ولذلك يمكن أن يكون هذا العلم في نفسه لثباته وحسن نظامه على حال واحدة دائماً وهذه خاصّة العلم الحقيقيّ. ه – ج: إنّ العلم الحقيقيّ هو الذي {...} دائم على حال واحد{ة} ويمكن أيضاً أن يعيّن على علم الجنسين الآخرين لأنّه يطرق إلى العلم الإلهيّ أكثر من تطريق جميع العلوم، وذلك لأنّا بهذا العلم فقط نقدر على الوصول إلى تصوّر ذلك العقل الذي يكون بلا حركة ولا يشوب ه – خ: ولا سيو{ف} المادة من قبل قربه ه: الهاء التي في قربه راجعة على العلم ممّا يلزم الجواهر المحسوسة المحرِّكة والمحرَّكة التي هي دائمة لا متغيّرة، من ↑من↑ اخ: عن الأدوار ونظام الحركات. وعلم الأجرام السماويّة ينفع في العلم الطبيعيّ منفعة عظيمة لأنّ جمل ه – خ: جلّ خواصّ الجوهر العنصريّ أنّما يتبيّن من خاصّة حركة النقلة لأنّا نعرف أن كان الجرم يفسد أو لا يفسد إذا نظرنا في حركته هل هي على الاستقامة أو على استدارة ونعرف أن كان الجرم ثقيلاً أو خفيفاً أو منفعلاً أو فاعلاً إذا نظرنا في حركته هل هي إلى الوسط أو من الوسط. /T37/ وقد يدعونا أيضاً علم الأجرام السماويّة إلى الفضيلة في العقل والخلق أكثر من جميع العلوم لمّا نرى في الأجسام السماويّة من ثبات الحال وحسن الترتيب والاعتدال وأنّه ليس في شيء من أمرها فضل ولا ما لا يحتاج إليه وتدعونا معرفة هذا الجنس إلى العشق له وتكتسب النفس بذلك عادة وطبيعة لما يشبه هذه الحال.
فنحن ملتمسون أنّما العشق لهذه الحال الثابتة بتعلّمنا ما قد أدركه من ه – اخ: كان قبلنا /H8/ من هذا العلم ممّن استقصى الفحص عنه وبأن نزيد على ذلك بحسب ما أفادنا الزمان الذي فيما بيننا وبينهم. ونجمع كلّ ما قد رأينا أنّه قد وضح إلى هذه الغاية من هذا العلم في كتاب بما يمكن ه – اخ: أمكن من الإيجاز وبقدر